إدارة المياه

على الرغم من أنه يبدو أن الأرض تحوي على الكثير من الموارد المائية، إلا أن ثلاثة بالمائة فقط منها غير مالحة، وثلثا هذه المياه العذبة محبوسة في جبال وأنهار جليدية. وخمس الواحد بالمائة الباقي موجود في أماكن بعيدة ولا يمكن الوصول إليها وكمية كبيرة من الباقي تصلنا في أوقات تكون حاجتنا إليها أقل ما يمكن على شكل أمطارٍ موسمية غزيرة وفيضانات. ونتيجة لذلك فإن البشر يستطيعون استغلال 0.08 بالمائة من مياه العالم فقط.[1]إدارة المياه هو النشاط المتضمن التخطيط والتطوير والتوزيع والإدارة للاستغلال الأمثل لهذه الموارد المائية المحدودة ضمن سياسات وقوانين محددة.

بما أن الماء يشكل مصدراً أساسياً لأي مخلوق ولكل النشاطات البشرية الاجتماعية والاقتصادية، لذلك يجب وضع تشديدات خاصة على الاستدامة والاستفادة ضمن مخططات إدارة المياه. وتعني الإدارة المستديمة للمياه حد إنفاق المياه بالدرجة المتجددة أو التي يمكن استبدالها، بينما ترتبط درجة الاستفادة بشكل وثيق بإدارة البنية التحتية. وبشكل وسطي فإن خمساً وثمانين بالمائة من كلفة أي نشاط إدارة مياه هي ناشئة عن البنية التحتية ومستقلة عن الحجوم المنقولة، ولذلك فإن إدارة البنية التحتية لا تلعب فقط دوراً أساسياً في كل شكل من أشكال استخدام المياه، وإنما تساهم في تحديد الفاعلية الكلية لأي سياسة إدارة مائية.

الزراعة: المستهلك الأكبر للماء

تعد الزراعة المستهلك الأكبر لمصادر المياه العذبة في العالم، حيث تستهلك 70 بالمائة منها، وتستهلك الصناعة 20 بالمائة ويتكفل الاستهلاك اليومي بالعشرة بالمائة الباقية، وبما أن التعداد السكاني العالمي يرتفع ويتم استهلاك المزيد من الطعام (يتجاوز الآن 6 مليارات، ويتوقع أن يصل إلى 9 مليارات بحلول عام 2025)، فإن الصناعات والتطويرات المدنية تتسع، وإن التجارة الناشئة للمحاصيل التي تستخدم في الوقود الحيوي أيضاً تتطلب حصة من موارد المياه العذبة، ولذلك فإن نقص المياه يصبح قضية مهمة.

قام معهد إدارة المياه الدولي في سيريلانكا عام 2007 بإجراء تقدير لإدارة المياه في الزراعة لرؤية ما إذا كان هناك في العالم ما يكفي من المياه لتأمين طعام لتعداد سكان العالم الآخذ بالازدياد.[2] وقد قامت الدراسة بتقييم كمية المياه المتوفرة للزراعة على مستوى عالمي وحددت أماكن تعاني من نقص في المياه، وقد وجدت أن خمس سكان العالم – أكثر من 1.2 مليار – يعيشون في أماكن تعاني من نقص فيزيائي في الماء حيث لا يوجد ما يكفي من المياه لسد كافة الاحتياجات. ويوجد 1.6 مليار إنسان آخرين يعيشون في أماكن تعاني من نقص في المياه ناتج عن عوامل اقتصادية، حيث يؤدي نقص الاستثمار في مجال المياه أو قصور الطاقة البشرية إلى أن يكون من المستحيل على السلطات أن تؤمن الحاجة من المياه.

وقد وجد التقرير أنه سيكون من الممكن إنتاج الطعام الذي سنحتاجه في المستقبل، لكن الاستمرار في الإنتاج الحالي للطعام وفي التوجهات البيئية الحالية سيؤدي إلى أزمات في مناطق كثيرة من العالم. وقد قام مؤلفو كتاب نفاذ المياه: من الوفرة إلى الندرة وكيف نحل مشكلة الماء في العالم المنشور عام 2011 بوضع خطة مؤلفة من ست نقاط لحل مشاكل المياه في العالم. وهي كما يلي: 1) تطوير المعطيات المتعلقة بالماء؛ 2) تقدير أهمية البيئة؛ 3) إعادة تشكيل طريقة حكم المياه؛استخدام المياه في الزراعة بطرق جديدة، وإدارة المتطلبات المدنية والصناعية، وتمكين دور الفقراء والنساء في مجال إدارة المياه. وسيكون على المزارعين أن يبذلوا ما في وسعهم لزيادة الإنتاجية لتلبية الطلب على الغذاء الآخذ بالازدياد وذلك لتجنب أزمة مياه عالمية، بينما يتوجب على المدن والصناعة إيجاد طرق لاستخدام المياه بفاعلية أكبر.[3]

إدارة المياه في الظروف المدنية  إن نصف سكان العالم في الوقت الحالي يعيشون في قرى ومدن، ونتوقع أن يصل هذا الرقم إلى ثلثين بحلول عام 2050، ولذلك فإنه على الزراعة في الأماكن المحيطة بالمراكز المدنية أن تنافس الصناعة والمستخدمين المحليين للحصول على مصادر مياه آمنة. حيث أن مصادر المياه التقليدية تصبح ملوثة بمياه الفضلات الناتجة عن النشاط المدني، وبما أن المدن توفر أفضل الفرص لبيع المنتجات فإن المزارعين غالباً لا يجدون بديلاً عن استخدام المياه الملوثة في ري محاصيلهم الزراعية، وتبعاً لمدى تطور أساليب معالجة مياه الصرف الصحي في مدينة ما فإنه يمكن أن يكون هناك أخطار صحية كبيرة ناجمة عن استخدام هذه المياه، فمياه الصرف الصحي الناجمة عن المدن يمكن أن تحوي مزيجاً من الملوثات، حيث يوجد عادة مياه صرف صحي ناتجة عن المطابخ والحمامات والتي تمتزج مع مياه الأمطار الجارية، وهذا يعني أن المياه غالباً تحوي على درجات عالية من مكونات الأغذية والأملاح، مع طيف واسع من مسببات الأمراض، كما يمكن أن تحوي معادن ثقيلة جنباً إلى جنب مع آثار مضادات حيوية ومواد مضرة بالغدد الصماء كهرمون الأستورجين.

تحوي دول العالم النامية في الغالب أقل مستويات معالجة لمياه الصرف الصحي، وغالباً ما تكون المياه التي يستخدمها الفلاحون في ري المحاصيل الزراعية ملوثة بالمواد الممرضة القادمة من مياه المجاري، وتعتبر الجراثيم والفيروسات والديدان الطفيلة من العوامل الممرضة الأكثر إثارة للقلق، والتي تأثر على صحة الفلاحين بشكل مباشر وعلى صحة المستهلكين بشكل غير مباشر إن هم تناولوا المحاصيل الملوثة بهذه المياه، ومن الأمراض الشائعة الإسهال الذي يودي بحياة 1.1 مليون شخص سنوياً ويعد ثاني أكثر الأسباب شيوعاً لوفيات الرضع، ويرتبط العديد من تفشيات وباء الكوليرا بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بشكل سيء، ولذلك فإن للخطوات التي تقلل أو تزيل التلوث القدرة على إنقاذ عدد كبير من الأرواح وتحسين سبل العيش، ويعمل العلماء على إيجاد طرق تقلل تلوث الأغذية باستخدام نظام يسمى نظام الحواجز المتعددة.

وهذا يتضمن تحليل عملية إنتاج الطعام من زراعة المحاصيل إلى بيعهم في السوق ومن ثم أكلهم، والبحث بعد ذلك عن المكان الذي يمكن أن يخلق فيه حاجز ضد التلوث، وتتضمن الحواجز: تقديم وسائل سقاية أكثر أمناً، وتشجيع وسائل معالجة مياه الصرف الصحي في المزارع، واتخاذ إجراءات تؤدي إلى قتل المواد المضرة بالصحة، وغسل المحاصيل في السوق والمطاعم بشكل فعال بعد الحصاد

إدارة الموارد المائية في مصر الحديثة

الأراضي الخضراء المروية (3.4 مليون هكتار) على طول نهر النيل وسط الصحراء

تُعتبر إدارة الموارد المائية في مصر الحديثة عملية معقدة فهي تشمل العديد من المستهلكين وأصحاب الأسهم ورؤوس الأموال الذين يستخدمون المياه لأغراض الري والمرافق المحلية والصناعة والإمدادات، وتوليد الطاقة الكهرمائية والملاحة والتحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مياه النيل توائم النظم الإيكولوجية التي تهدد بها التلوث البيئي. مصر لديها موارد كبيرة أيضاً من المياه الجوفية في الصحراء الغربية.[1][2]

تعاني مصر من مشكلة رئيسية حديثة لمواردها المائية، هي عدم التوازن بين زيادة الطلب على المياه وتوافر الكمية المتاحة. ولحل تلك المشكلة كان لا بد من التنسيق مع دول حوض النيل التسعة، لضمان مستقبل وافر المياه. ونتيجة لذلك تعقد مبادرة حوض النيل منتدى لمثل هذا التعاون.[3][4] في سنة 1990 أطلقت الحكومة المصرية ثلاثة مشروعات عملاقة لزيادة الري على «الأراضي الجديدة». وكانت تقع في منطقة توشكي في « محافظة الوادي الجديد»، على هامش دلتا النيل الغربية، وفي شمال سيناء.[5][6] تتطلب هذه المشاريع كميات كبيرة ومستمرة من المياه التي لا يمكن تعبئتها إلا من خلال تحسين كفاءة الري وإعادة استخدام مياه الصرف ومعالجة مياه الصرف الصحي على “الأراضي القديمة” المروية بالفعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *