التنمية المستدامة لإدارة موارد المياه

يعتبر الماء قوام الحياة وأساسها الرئيسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه، كما أنه عماد كل حضارة وتنمية، حيث تتجلى خصوصية الماء في أنه أثمن شيء خلقه الله تعالى بعد البشر، وإذا كان الإنسان قد استطاع في تفاعله مع الطبيعة أن يسخر جلّها لخدمته ولأغراضه، واستطاع أيضاً بفضل العلم أن يخترع كل ما هو في حاجة إليه عبر التاريخ، إلا أن حاجاته من الماء لا يمكن أبداً تلبيتها بتركيب وتصنيع هذه المادة أو باستعمال ما يحل محلها، كما أن تزايد الطلب على الموارد المائية أفضى إلى تراجعها، حيث تعاني أغلب البلدان العربية التي تقع في مناطق مناخية جافة من نقص المياه، ويعزى ذلك إما إلى ندرة هذه الموارد أو سوء تدبيرها، ومن المتوقع أيضاُ مع تزايد عدد سكان العالم، أن يرتفع الطلب على مياه الري، والماء الصالح للشرب، بنسبة 20 في المائة، في غضون الخمس والعشرين سنة المقبلة، وبما أن أغلب البلدان النامية، تعتمد على الفلاحة في اقتصادها، فإن نقص المياه العذبة من شأنه أن يسبب نقصاً في الغذاء في جهات مختلفة من العالم، وعليه فإن التنمية المستدامة والشاملة للموارد المائية وإدارتها في هذه الدول أصبحت من الأمور البالغة الأهمية، وذلك لتجنب أزمات مستقبلية تنجم عن نقص الماء كماً وكيفاً.

 

أولاً: تعريف أنواع الموارد المائية:

المياه الجوفية: هي مياه الأمطار المخزنة في جوف الأرض وهي غير المتجددة

المياه السطحية : كمياه الأنهار وتصريف الينابيع والأودية الجارية بالإضافة إلى مياه الفيضانات في فصل الشتاء.

المياه غير التقليدية: كالمياه المعالجة الخارجة من محطات الصرف الصحي.

 

 

ثانياً: أسباب الاهتمام بإدارة الموارد المائية:

  • لأهميةالمياه التي تمثل أصل الحياة.
  • لتأمينالمياه لمستهلكيها لان ذلك أحد حقوق الإنسان الأساسية والتي لا يجب التخلي عنها بأي حال من الأحوال.
  • لمعالجةظاهرة شح موارد المياه.
  • نتيجةللزيادة التي يشهدها العالم في عدد السكان في الوقت الحاضر مع استمرار السياسات المائية المتبعة وأنماط الاستهلاك الحالية فإنه من المتوقع أن تحظى المياه بالأولوية القصوى خلال القرن الحادي والعشرين، مما ينذر بتشكل نواة لعدم الاستقرار السياسي ونشوب الحروب نتيجة لشح الموارد المائية.

 

 

ثالثاً: طرق تنمية الموارد المائية:

 

1- حماية المياه الجوفية غير المتجددة: وذلك من خلال ما يلي:

 

  • القيامبدراسات الاستكشاف والدراسات الجيولوجية التي تحدد حجم هذا المورد ومكامنه بالإضافة إلى دراسة السبل الكفيلة بتنميته والمحافظة عليه.
  • الالتزامبسياسة الدولة الهادفة إلى المحافظة على مصادر المياه من التلوث بجميع صوره، وذلك من خلال التطبيق الحازم للأنظمة واللوائح ذات العلاقة والعمل على تطويرها.
  • الالتزامعند إعداد دراسات الجدوى لجميع المشروعات الزراعية والصناعية الجديدة لكون المياه عنصراً من عناصر التكلفة الأساسية وعلى أساس التكلفة الحدية للمصادر البديلة.
  • تطويرقاعدة معلومات موحدة عن مصادر المياه، تشمل كمياتها ونوعيتها ومعدلات استغلالها وغير ذلك، على أن تتوافر هذه القاعدة لجميع الجهات ذات العلاقة والجهات العلمية والبحثية.

 

2- تطوير صناعة تحلية المياه:

 

إن عملية تقويم البدائل المتاحة والقابلة للاستمرار على المدى البعيد، ترجح أن تكون المياه المحلاة المورد الأساسي والأول لمياه الشرب التي تتطلبها عملية التنمية، إذ إن صناعة التحلية لا تعضد بصورةٍ كبيرةٍ موارد المياه الحالية فحسب، بل إن التقنيات المستقبلية تَعِدُ بتوفير الحلول الناجحة لنقص المياه، فعلى المدى البعيد قد تتوافر إمكانية تحلية المياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والطاقة النووية المتوالدة، وهو ما يوفر إمكانات مستدامة لتحلية المياه.

 

أما على مدى منظور العقدين القادمين، فإن صناعة التحلية المعتمدة على الطاقة العادية (النفط والغاز الطبيعي والكهرباء) ستشهد نمواً كبيراً، وذلك بمشاركة القطاع الخاص، إذ سيتم إتاحة المجال لشركات القطــاع الخـاص لإقامة محطات تحليه مياه ومحطات مزدوجة الإنتاج (ماء وكهرباء) في إطار سوق تتيح التنافس في توفير كل من الكهرباء والماء بحيث تؤدي إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية وتخفيض التكلفة.

 

3- تعزيز التعاون الإقليمي لإدارة مصادر المياه:

 

تُعَدّ قضية محدودية الموارد المائية على المدى المتوسط والبعيد قضية إقليمية ومن أبرز تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم بصورةٍ عامةٍ وفي منطقة الشرق الأوسط بصورةٍ خاصة. ويتوقع أن يكون التعاون بين الدول المجاورة في مجال تطوير مصادر جديدة للمياه وإدارة الموارد المائية من المجالات الرئيسة في التعاون الإقليمي والدولي في المستقبل، ويمكن أن تشكل أنشطة البحث العلمي والتطوير التقني وتبادل الخبرات في تطوير الموارد المائية وإدارتها، أبرز مجالات هذا التعاون.

 

كما إن ازدياد التنسيق والتكامل والتبادل والمشاركة بين الدول الخليجية والعربية سيفتح باباً واسعاً أمام أنماط مختلفة من التعاون في المستقبل في مجال توفير الموارد المائية.

 

4- الإدارة المتكاملة للموارد المائية العربية:

 

لقد أدى الاهتمام المتزايد بقضايا المياه خلال الآونة الأخيرة خصوصاً في المناطق الجافة وبلدان الندرة إلى ظهور العديد من المصطلحات العلمية النظرية في هذا المجال، مثل إدارة العرض والطلب وتسعيرة المياه وكفاءة الاستعمال وترشيد الاستهلاك والجدوى الاقتصادية وغيرها، وتهدف هذه المصطلحات جميعا إلى تحقيق درجة مقبولة من درجات الإدارة المتكاملة التي تسعى بدورها إلى تحقيق المبادئ العامة لمفهوم الإدارة المائية المتكاملة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلا أن معظم هذه المصطلحات لازال يكتنفها الغموض وسوء الفهم بسبب تجردها وقابليتها للعديد من التفسيرات حسب المعطيات الهيدرومناخية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بكل منطقة جغرافية، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تغير هذه المفاهيم في ظل الظروف العربية المتسمة بالجفاف البيئي وندرة المياه وارتفاع تكاليف تنمية واستثمار مواردها المائية، وضمن المفاهيم الحديثة في إدارة الموارد المائية فإن الإدارة المتكاملة للمياه ترتكز على المشاركة واللامركزية ونقل إدارة الري إلى المستخدمين ضمن أطر قانونية وتنظيمية منسقة، إن مفهوم المشاركة يعني العملية التي يؤثر فيها أصحاب المصلحة المباشرة في وضع السياسات والتصاميم البديلة وخيارات الاستثمار وقرارات المؤثرة في مجتمعاتهم، مما يثبت فيهم الإحساس بالملكية ومع تزايد مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة شؤون المياه يزداد احتمال تحسين أساليب اختيار المشروعات وإيصال الخدمات واسترداد التكاليف.

 

5- تطوير السياسة المائية:

 

إن عملية تطوير سياسة مائية محددة المعالم تقوم على قاعدة قانونية ونظامية صارمة، وتتطلب إصدار التشريعات والقوانين اللازمة لذلك، كما وتحتاج إلى تطوير القدرات المؤسسية والتقنية والقاعدة المعرفية ووسائل التقييم والرقابة والمتابعة الضرورية للسيطرة على المشكلة، ولخلق آليات مستمرة للمواءمة بين تحديات الواقع المائي واتجاهات السياسات التنموية والبيئية، وسياسة الحراك السكاني والتخطيط الحضري ووضع الأنشطة الاقتصادية، يجب تعزيز وسائل التوعية بأبعاد المشكلة واتجاهات الانسجام المسلكي معها عبر الممارسات الترشيدية، وذلك لتحقيق هدف بعيد المدى يضمن التوازن المائي. وستظل مسألة حل مشكلة الموارد المائية هدفا رئيسا وثابتا يقتضي جعلها في مستوى الأهداف الإستراتيجية، حيث يستوجب ذلك وضع برامج وخطوات عملية ذات تأثير مباشر، وفي مقدمة ذلك:

 

1- زيادة الاهتمام بالمياه الجوفية والسعي لتنميتها.

 

2- تطوير وسائل ترشيد استهلاك المياه، وجعلها في متناول يد المستهلك.

 

3- إدخال نظم الري الحديثة والتشجيع على استخدامها ورفع مستوى الإرشاد والتدريب الزراعي وتوسيع نطاقهما والعمل على حماية المياه الجوفية والسطحية من التلوث.

 

 

 

سبل المحافظة على الموارد المائية:

  • ضرورةالإدارة المتكاملة للموارد المائية في المناطق الجافة مع التركيز على إدارة احتياجات المياه والمحافظة عليها وحمايتها من التلوث.
  • الاستفادةمن التقنيات والطرق الحديثة والتقليدية للإدارة الفعالة للموارد المائية.
  • ضرورةالتركيز على تنمية قدرات المؤسسات المعنية بإدارة المياه ورفع كفاءتها في تدريب الأفراد وجهود التوعية في التقليل من ممارسات استهلاك المياه.
  • تضافرجهود المنظمات المتخصصة في الأمم المتحدة والمؤسسات الإقليمية ومراكز البحوث والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في تطوير البرامج المتعلقة بإدارة الموارد المائية في المناطق الجافة، مع ضرورة توفير الموارد المالية اللازمة وتوجيهها للشعوب الفقيرة لتأمين احتياجاتها المائية.
  • ضرورةتركيز المؤسسات المعنية بتطوير الاستراتيجيات الإقليمية لإدارة الموارد المائية في أحواض الأنهار ومكامن المياه الجوفية بما يتوافق مع مبادئ المساواة والعدالة لكافة المستهلكين مع الأخد بعين الاعتبار أهمية اللجوء إلى إستراتيجية تستند إلى الطلب على المياه.
  • إنشاءالشبكاتالمعنية بإدارة الموارد المائية على المستويات الدولية بحيث تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المستهلكين من الموارد المائية وسبل ديمومتها كأساس لإدارة الموارد المائية.
  • إنشاءشبكات إقليمية لإدارة الموارد المائية وإعطاء تلك الشبكات الأهمية القصوى، حيث يعد إنشاء الشبكة العربية لأبحاث المياه الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.
  • ضرورةأخذ الآثار السلبية لمشاريع تطوير الموارد المائية بعين الاعتبار والتقليل منها ما أمكن.
  • حمايةالمياه السطحية وأحواض مكامن المياه الجوفية من مصادر التلوث المختلفة.
  • تشجيعالحكومات على إعادة النظر في سياساتها المائية لا سيما ما يتعلق منها بالتعرفة المخفضة للمياه المستخدمة في الأنشطة الزراعية غير المجدية، وتطوير نظم لتقييم الموارد المائية لكافة المستهلكين مع التركيز على الجوانب الاقتصادية لإنتاج المياه وتوزيعها على اعتبارها النقطة المحورية التي ترتكز عليها السياسات المائية.
  • إيجادآلية لدعم الأبحاث العلمية والتطبيقية مادياً لا سيما ما يتعلق منها بالموارد المائية في المناطق الجافة مع ضرورة اشتراك القطاع الصناعي في عملية الدعم.
  • تطبيقالإجراءات القانونية المتعلقة بالموارد المائية لتأمين ديمومتها.

سبل تطوير إدارة الموارد المائية:

  • إعادةالنظر في السياسات المتعلقة بالمياه مع التركيز بشكل كبير على إدارة المياه الشحيحة والتأهب لمواجهة الجفاف وتخفيف آثاره، بالإضافة إلى إعادة النظر في الأطر التنظيمية الخاصة بالمياه، وذلك بإدخال تدابير لمكافحة هدر وتلوث المياه.
  • رفعكفاءة استخدام المياه، والنظر في إمكانية استرداد تكاليف خدمات الري، كتكاليف التشغيل والصيانة، لتحسين المحافظة على المياه.
  • القيامبالتعديلات الهيكلية التي تتلاءم مع إدارة الطلب على المياه، بما في ذلك الإصلاحات المؤسسية وتنظيم صفوف المستفيدين ومشاركتهم في إدارة مشاريع الري وإشراك القطاع الخاص وتنمية الموارد البشرية في مجال إدارة المياه المخصصة للزراعة، مع التركيز على المزارعين والجهات التي تقدم خدمات الري.
  • تشجيعاستخدام مصادر المياه غير التقليدية ودعم البحوث في ميدان إعادة الاستخدام المأمون للمياه المعالجة والمياه المالحة، مع إعطاء الانتباه اللازم للزراعة و لزيادة كفاءة استخدام المياه وإدارة المحاصيل وتطوير أصناف من المحاصيل التي تتحمل الجفاف والملوحة.
  • مساعدةالبلدان العربية في تطوير وتشجيع استخدام حزم تقنية حول إدارة الطلب على المياه وإدارة مساقط المياه.
  • دعمبناء القدرات وتسهيل تبادل الخبرات والمعلومات بين البلدان العربية فيما يتعلق بالجوانب الخاصة بتحسين إدارة المياه في قطاع الزراعة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *